إشكالية الثقة بالذات والآخرين ( جريدة الرياض )



محمد العتيبي - جريدة الرياض 14 يناير 2020

الحديث عن الثقة بالنفس حديث مهم جدا لأنه ببساطة حجر الزاوية في التعاملات وعامل نفسي مهم في العلاقات الإنسانية لأن الواثق من نفسه سيثق بالاخرين ، والثقة بالنفس إجمالا هي تصورك الإيجابي تجاه ذاتك والآخرين ، وتنشأ هده الثقة عندما يعرف الفرد ذاته وقدراته ومهاراته ومواهبه ومايملك من إمكانيات وبناء على هذا التصور والشعور يستغلها بالشكل الصحيح في الأحداث والمواقف المختلفة ، وأما تجاه الآخرين فهو شعور بالأمان بهم وبحديثهم وتصديق مايقولون ومن يثق بنفسه وبالاخرين فلن يشعر بأنهم يخدعونه أو يستغفلونه فهو على قدر من الوعي الذي يجعله يميز من يثق به والعاقل المدرك يفطن لذلك وهذه الثقة بين الناس – القريب والبعيد - هي أصل في ديننا وأساس للتماسك الاجتماعي ولو أن البشر لايثقون ببعضهم لتقطعت العلاقات وتعطلت الأعمال والمصالح العامة .

الواثق من نفسه يجيد مهارات التفكير ويعترف بأخطائه ويزعجه المدح في وجهه ويتمتع بدرجة عالية من الذكاء ومهارات الاتصال والتواصل مع الآخرين وقدر من المجاملة التي لاتنافي الإعتراف بالحقائق دون أي مبالغة عند التصريح برأيه والتعامل مع الآخرين وهو مبادر ومعطاء ولايتردد ويرى كل شيء إيجابي وقابل للإصلاح والتطوير وأنه مسؤول وجزء من أي نهضة وتنمية ، أما الغير واثق من نفسه فهو مضطرب نفسيا ومشاعره السلبية تنعكس على حديثه وتعامله وحتى على رأيه وتعليقاته تجاه المواقف والظروف المحيطة به وتجاه مجتمعه ودينه وأمته ويظهر ذلك جليا من خلال كثرة جلد الذات بالنقد السلبي فعدم ثقته بنفسه تجعله لايثق بأي شيء ، والغير واثق كذلك يطرب للمدح والثناء الدائم ويتلذذ بإنتقاص الآخرين والتقليل منهم ولايستطيع الحديث أمامهم أو بالتعبير عن رأيه وما بداخله ولاعن حقوقه فهو ضعيف الإتصال والتواصل بهم ويغلب عليه الخوف واللجوء للكذب ، وأما الثقة الزائدة فهي تؤدي للغرور ( تضخم الأنا ) الذي يتولد من مشاعر النقص للتعويض بسبب حالة نفسية داخلية ملازمة لمن يمارسون هذا السلوك والذي يظهر أحيانا من خلال المباهاة بالنعمة وإظهار المكانة الإجتماعية أو غيرها .

إشكالية الثقة لدى البعض ليست وليدة اللحظة ولكن منشأها غالبا منذ الصغر بسبب مقارنة الوالدين أولادهم بالآخرين وهذا يولد بداخلهم مشاعر الكراهية والمنافسة السلبية التي تجعل الحياة في نظرهم حلبة صراع لاتحتمل سوى الإنتصار أو الخسارة فيكبرون على ذلك وهذا مايفسر أحيانا كثرة فضول البعض وتدخلهم وأسئلتهم لغيرهم عن مرتبهم الشهري ومايملكون وإلى أين يذهبون وماذا يفعلون ليقارنوا أنفسهم بهم فهذا في نظرهم معيار التفاضل والتميز ؟!  والحماية الزائدة للأولاد أيضا تمنع عنهم الثقة والإستقلالية ، ولنزيد الثقة في أنفسنا يجب أن لانقارن أنفسنا بالآخرين فهم بشر وليسوا بمعصومين من الخطأ وبالإضافة لما سبق فإن تطوير الشخصية والمعلومات و معايشة التجارب الناجحة تولد وتزيد الثقة بالنفس سواء في الدراسة أو العمل أو الزواج وفي أي مجال وقبل كل ذلك فلنتعلم كيف نحب ذواتنا .





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تأجيل الدراسة أو التعليم عن بعد ( جريدة الرياض )

قصة بر " هند " بوالدتها واقعية ومعبرة ( صحيفة الشرق السعودية )

غسيل أفكار ( جريدة الرياض )