استثمار الزكاة لمكافحة الفقر ( صحيفة الرياض )
محمد العتيبي - جريدة الرياض 10/6/2019
جميعنا نتفق بأن الفقر - غالباً - لا يبني الإنسان بل هو أكبر عائق في حياته وفي طريق تقدمه، وعندما يستغني الفرد عن الآخرين ويكتفي -على الأقل- بالحد الأدنى من المعيشة التي تكفل له الحياة الكريمة بأبسط حقوقها فلن يحتاج لإراقة ماء وجهه بسؤال الناس واستعطافهم لمساعدته، وسيبدأ بالاستقلال بنفسه والاعتماد عليها وسيلتفت لها ويطورها، وليس من المعقول أن نطالب أحدهم بتطوير ذاته والارتقاء بها وفي نفس الوقت هو يعاني من الفقر وتبعاته وكل همه وجل تفكيره انتظار من تأخذه الشفقة ويتكرم بالتصدق عليه من الصدقات أو من زكاة المال..
فعلى سبيل المثال كيف لطالب في المدرسة أن يتفوق وينجح ويبدع والوضع المعيشي له ولعائلته سيء من كل الجوانب في السكن والتعليم والصحة.. إلخ! كيف ينشأ وينمي ذاته ويساعد عائلته ويساهم في خدمة مجتمعه وهو يفتقد للحد الأدنى من مقومات الحياة وأساسياتها؟ وحتى لو كان ممن تدفع لهم الصدقات والزكوات بشكل ثابت ومنتظم ومن مستحقيها فإلى متى سيستمر هذا الحال ومن يضمن أن حاله سيتغير للأفضل ويتحول لعضو منتج في مجتمعه؟.
في سنغافورة والتي يشكل فيها المسلمون مايقارب 15 % من إجمالي السكان هناك تجربة جديرة بالاهتمام لجعل الزكاة المفروضة مصدراً لبناء الإنسان وتخليصه من براثن الفقر ليكون منتجاً بدلاً من أن يكون مستهلكاً أو عالة على نفسه ومن حوله وليحوله من فقير مستحق للزكاة إلى غني تجب عليه الزكاة، فنظام الزكاة وتنميتها في سنغافورة يبدأ من دراسة حالة الأسرة المستحقة للزكاة والتأكد من وضعها ثم يقوم المجلس الإسلامي لديهم بصرف رواتب شهرية لتلك الأسر بالإضافة لدفع الرسوم الدراسية - وكل مايتعلق بها - لأطفالهم مع إلحاق الوالدين في نشاط تجاري استثماري مناسب لمدة سنتين ومنحهم رأس المال لإنجاح هذا المشروع مع دعم استشاري ثم بعد المدة المقررة تكون تلك الأسر قد خرجت من قائمة المستحقين للزكاة فيبدأون بعدها بسداد ماتم صرفه عليهم بأقساط لاتتعدى نسبة الزكاة المفروضة من أرباحهم، وبذلك يصبح لدى المجلس فائض من الزكاة وكل ما تم صرفه على المستحقين يظهر بكل شفافية على موقعهم الإلكتروني حيث يستطيع من خلاله دافع الزكاة متابعة ماله وطريقة صرفه والاطلاع على النتائج التي حولت أولئك الفقراء إلى أغنياء يشاركونهم في دفع الزكاة.
تعليقات
إرسال تعليق