أهمية ثقافة الإختلاف في مناهجنا ( صحيفة الرياض )

محمد العتيبي - صحيفة الرياض 28/6/2019



( ‏تقبل الله صيامكم وقيامكم وطاعتكم وعيد مبارك وكل عام وانتم بخير وأهديكم بهذه المناسبة أغنية ( ياليلة العيد أنسيتينا ) لأم كلثوم رحمها الله ) .. بهذه التغريدة المثيرة للجدل هنأ الشيخ أحمد بن قاسم الغامدي متابعيه في تويتر ، ولأن الصراع بين الحق والباطل وبين الوسطية والتطرف لا يزال مستمرا حتى قيام الساعة فقد أخذ التعاطي مع هذه التغريدة تباينا واضحا بين أكثرية معتدلة - ترى الحياة بكل ألوانها وتشكل ترابط المجتمع رغم اختلاف توجهات أفرادها -  أكثرية تقبلت الإختلاف وبادلت الشيخ التهنئة وبين أقلية سوداوية منغلقة حول نفسها تنظر بتعصب من منظار ضيق ولا تزال للأسف تعيش في جلباب الغلو والتشدد بعيدا عن التسامح والحب والتعايش وصفاء النية رغم أن بعض أفرادها يحمل الشهادات العليا والعلم الغزير والثقافة الواسعة ! وهذه الفئة تصف كل من يخالف نهجها بالابتداع واتباع الهوى تارة وبالزندقة والتكفير تارة أخرى وكأن في يدها مفاتيح الجنة والنار ! ونسي أولئك أن مخالفيهم مسلمون مثلهم ومن جلدتهم ، وأن الاختلاف رحمة وسنة من سنن الله في خلقه ، ومن تفهم ثقافة الاختلاف سيتحرر تلقائيا من قيد الخلاف، وعندما يتجرد الإنسان من حظوظ النفس والجدل ويلتزم بأدب الحوار واحترام الآخر بحثا عن الحق ويحرر عقله من أحادية مصادر التلقي ويؤمن بأن الاختلاف أمر صحي سيكون مرنا وقابلا لتعدد الآراء والأفكار، ومستعدا للبحث والتمحيص والتدقيق وربما سيغير رأيه إن لزم الأمر، وتلك شجاعة وقوة، والاختلاف المقصود هو في المسائل الفرعية والفقهية التي لم يتفق عليها الأئمة والفقهاء ومجال الاجتهاد فيها لا يزال مفتوحا مع التمسك بالتوحيد والثوابت التي يتفق عليها الجميع، والتي لا تتجاوز دائرة شرعنا الحنيف بكتاب الله وسنة نبيه، صلى الله عليه وسلم. والمسلم العاقل الفطن هو الذي يتسع فكره لكل اختلاف، مبتعدا عن تصنيف الآخرين واتهامهم، ولا يتسمى بأي حزب وجماعة أو أي تيار، ولا يتبع نهجهم، لأنها لا تقدم ولا تؤخر، بل هي حجر عثرة وسبب رئيسي لشق صف المسلمين وإضعافهم، فكلنا أمة واحدة تحت راية الإسلام ننبذ التطرف والغُلو ولا نرضى بغير الوسطية والاعتدال، قال عز وجل: ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) ، و ‏بغض النظر عن التأييد لهذه التغريدة أو معارضتها - أو الإختلاف مع أيا كان وفي أي مجال - فإن كثرة الردود السلبية الحادة عليها والمليئة بالسب والشتم والسخرية والإساءة للمغرد بسبب عدم موافقتها توجهاتهم وأفكارهم يؤكد بأننا بحاجة ماسة وضرورية لإدراج مادة الأخلاق في مناهجنا تحتوي على فصل خاص بعنوان ( ثقافة الإختلاف ) ومن هذا المنبر أناشد المسؤولين في وزارة التعليم التفكير جديا في هذا الأمر قبل أن يستفحل وينتشر في الأجيال القادمة ..




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تأجيل الدراسة أو التعليم عن بعد ( جريدة الرياض )

قصة بر " هند " بوالدتها واقعية ومعبرة ( صحيفة الشرق السعودية )

فلسفة التغيير ومهارات التفكير ( صحيفة الوطن السعودية )