لاتطفئوا شموع البيت ( جريدة الرياض )

محمد العتيبي - جريدة الرياض 31 أغسطس 2019


البنت بطبيعتها وفطرتها التي وهبها الله عز وجل كتلة من المشاعر والأحاسيس، وهي في كل بيت شمعة ومصدر للحب والألفة بين أفراد الأسرة بعد الوالدين، فلماذا يصر البعض على إطفائها وإحراقها؟!.. فبعض الآباء والأمهات والإخوان والأولياء - هداهم الله - للأسف سلبوها تلك المشاعر وبدلوها بظلمة الحزن جراء تعنيفها والقسوة عليها، وقيدوا فكرها وعقلها عن الاستخدام، وجعلوها تابعة لأهوائهم ورغباتهم، لا رأي لها، وأغلقوا جسور التواصل بينهم وبينها، فلا يرعوا لها سمعاً ولا يسمحون لها بالتعبير عن مطالبها وأبسط حقوقها المغتصبة، قصداً أو دون قصد وذلك إما بسبب قصور في المدارك والمفاهيم أو لبقايا عادات وتقاليد مازالت مترسبة والتي بدورها تُهمش البنت ولا تقيم لها أي وزنٍ واعتبار!
يجب علينا جميعاً أن لا نغفل أيضاً أن لها خصوصيتها وحريتها التي كفلها الشارع الحكيم كما كفلها للرجل بحدود مقننة لا يجب التعدي عليها، وليس من الرجولة التدخل في أدق تفاصيلها وملاحقتها وتشديد الرقابة عليها حتى عند حدوث الزلل لا قدر الله، فلا يستدعي ذلك الاستنفار والتوبيخ وتصعيد الأمور وكأنها فعلت أمراً خارقاً للعادة، فهي أولاً وأخيراً بشر ليس معصوماً، يخطأ ويصيب، وذلك أيضاً ليس تبريراً لها، فيا أيها المسؤولون والمربون رفقاً بالبنات، فهن شقائق الرجال ومربيات الأجيال، امنحوهن الثقة وعاملوهن بحب ورحمة، واغرسوا فيهن القيم الحميدة ومبادئ الأخلاق السامية النابعة من شرعنا المطهر، فزرع المراقبة الذاتية وتأصيلها في النفوس مع التوجيه بلطف كفيل بالتأثير في نفوسهن أكثر من أي وسيلة أخرى، وهذه أسباب، والهداية بيد الله عزوجل، وتذكروا أن البيوت المبنية على المحبة والاحترام بين أفرادها لن يهزها أي قوة وتغيير، ولا أي نظام في هذا الكون؛ لأن مشاعر الحب والود بينهم راسخة ولا تعترف إلا بالوفاء والرضا، والثقة تصنع الشعور بالمسؤولية، ولكل فتاة زين لها الشيطان سوء عملها وخالفت أوامر ربها وتمردت على والديها أقول: كوني على قدر الثقة التي منحت لك، وإن لم يردعك إيمانك وخوفك من خالقك فاحتراماً لذاتك ومن أجل والدين تعبا وسهرا لأجلك، وكل آمالهما وثقتهما فيك معلقة، فلا تسيئي لسمعتك وسمعتهما، وحتى لو تعرضتي لشيء من القسوة أو العنف أو ما شابه ذلك فعامليهما بالأسلوب الحسن والكلمة الطيبة بتودد وحب ورحمة واحترام، لعل الله أن يفتح على قلوبهما ونحن - ولله الحمد - كذلك في دولة تحكم بالعدل والشرع القويم لكل متضرر ومظلوم.
 ختاماً ليس من العدل أن تجد أحدهم مهتماً بزوجته وأولاده ملبياً كل رغباتهم المادية والنفسية ويسعى جاهداً في ذلك، والنقيض من ذلك تماماً عند تعامله مع أخواته أو مع بناته من زوجته الأخرى.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تأجيل الدراسة أو التعليم عن بعد ( جريدة الرياض )

قصة بر " هند " بوالدتها واقعية ومعبرة ( صحيفة الشرق السعودية )

غسيل أفكار ( جريدة الرياض )