الحضارة وسعادة المجتمعات والنموذج الياباني ( صحيفة الوطن السعودية )


محمد العتيبي - صحيفة الوطن - 7 ديسمبر 2019
في عام 1905 م بدأت اليابان تسير في طريق الحضارة عندما هزمت روسيا بسبب الصراع الإستعماري على كوريا حيث بدأت النهضة الفعلية لليابان عندما أتى الإمبراطور موتسوهيتو - وأسمه الأصلي " ميجي " أو كما عرف ب ( الحاكم المستنير ) -  في عام 1868 حيث  كانت معزولة وإقطاعية وغير صناعية ، فتحولت الى قوة صناعية وعسكرية فكسر عزلة البلاد وتقوقعها ( بسبب حكم أسرة الشوغون / حكم العسكر الذي إمتد لقرون ) وألغى الطبقية وقضى على حكم العسكر وتقارب مع الغرب وأخذ منهم حاجاتهم الضرورية بعيدا عن الترف والملذات واستعان بأنظمتهم ونقل الصناعة والمعرفة لبلاده وبدأ في الإنفتاح التجاري والعلمي والعمل الجاد وساهم في تكوين طبقة الفلاحين المنتجين بتمكينهم من تملك الأراضي الزراعية والإرتقاء بالنظام التعليمي ، واتحدت الأجهزة الحكومية مع شركات القطاع الخاص لتكوين قوة إقتصادية وبتحالف مع الشعب أيضا و يتمثل ذلك في وقوفهم مع حكومتهم خلال فترات ضعف في 1974 و 1979 بسبب إرتفاع سعر النفط حيث ساهموا في ترشيد إستهلاك الطاقة من خلال حملاتها ولازالوا ، وبذلك إستقلت اليابان بحضارتها في وقت قياسي ( في أقل من نصف قرن ) وأصبحت دولة منتجة بعد ماكانت مستوردة .

نتيجة لما سبق فقد إرتفع متوسط دخل الفرد الياباني وتحققت لأفراد هذا المجتمع الضمانات الاجتماعية الكافية التي تحقق لهم شروط السعادة وتضمن لهم الأفضل في أسلوب وجودة الحياة وتبعدهم عن الحرمان من هذه الضمانات وتقضي على مشكلاتهم الإجتماعية كالفقر والجهل والأمراض وغيرها وهي من الأعراض الأساسية لمشكلة الحضارة ، وبما أن تكوين الحضارة في مجتمع ما مرتبط بقوتها ومظاهرها الإقتصادية فذلك تلقائيا يؤدي لبناء ذلك المجتمع ونهوضه ، والمجتمع المتعارف عليه في حقيقته ومعناه لايمكن إختزاله وتعريفه من خلال عدد أفراده وتجمعهم ولكن وظيفته الأساسية تكمن في تحقيق راحة الفرد وحفظ كيانه وهو – أي المجتمع - كما يعرفه عالم الإجتماع مارشال جونز بأنه : « نوع معين من الجمع يتميز بالإكتفاء الداتي والقدرة على تزويد أفراده بجميع إحتياجاتهم الضرورية لتحقيق الإكتفاء الذاتي دون الإستعانة بغيره من التجمعات » ، وحضارة المجتمعات تكمن في ماتنتجه وتصنعه وليس العكس ( كما في النمودج الياباني ) .

إذن فالحضارة والسعي لبناء المجتمعات وسعادة أفرادها تحققه التنمية الإقتصادية - ومايرافقها من تغيرات إجتماعية وثقافية – بواسطة العناصر الأساسية للتحضر : [ إستغلال الطاقات البشرية ( تعليم وتربية وقدوات وأخلاق ) وكذلك بإستغلال عامل الأرض والوقت ، وبناء على ذلك فالواجب على الأفراد أن تتظافر جهودهم كل يقوم بمهمته في مجاله وكذلك بمواجهة كل مامن شأنه تخريب المجتمع وعرقلة عجلة التنمية وهنا يتحقق المطلوب للنهوض الحضاري من خلال التوازن بين الحقوق والمسؤوليات . 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تأجيل الدراسة أو التعليم عن بعد ( جريدة الرياض )

قصة بر " هند " بوالدتها واقعية ومعبرة ( صحيفة الشرق السعودية )

غسيل أفكار ( جريدة الرياض )