الشخصية القلقة والإشاعات ( جريدة الرياض )

يميل البعض للركض خلف الأوهام والخرافات وبما يوافق أهوائهم في تكذيب الصدق وتصديق الكذب وكل مايردهم من معلومات وأخبار مباشرة دون فرز وتدقيق خصوصا وقت الشدائد والأزمات وفي مختلف الظروف المثيرة للقلق بعيدا عن العقلانية والواقعية ، ويزيفون الحقائق أيضا - بقصد أو دون قصد - والأدهى من ذلك حين يساهمون في نشرها في عصر التقنية والتي من المفترض أن تكبح جماح هذا التسابق في نقل هذا التدفق المعلوماتي والإخباري لتوفر المصادر الموثوقة ، وتستغرب أن من بين هؤلاء مثقفين ومن يحملون الشهادات العليا ! والحقيقة أنهم ضحايا لقيود فكرية محكمة تسير أفكارهم سواء كانت نفسية أو إجتماعية أو غيرها ولاينجو منها إلا القليل .
يصنف هذا النوع من البشر بأنهم ( قلقون ) ويغلب عليهم التوتر والتشاؤم والنظر للأمور بسوداوية وتضخيمها وتهويلها لأن طريقة تفكيرهم قد تشكلت على الرؤية السلبية ، وأصحاب الشخصية القلقة كذلك يتسمون بتبني الإستجابة الفكرية والسلوكية السلبية للأحداث قبل وقوعها واكتمالها وتجاه الأشخاص وأبسط المواقف ، وردود أفعالهم لاتعرف التفاؤل بل ميالة لكل ماهو سيء وغالبا ماتكون عاطفية ومندفعة ويحركها الحماس .
اعتناق بعض الأفكار والتعصب لها أو مايسمى في علم النفس ب ( التحيز الفكري/ الإنحياز التأكيدي ) هو من أسباب تصديق الشائعات المغلوطة ونشرها حيث يصدق الشخص مايريد تصديقه أو ماكان يتوقعه ، ومن الأسباب كذلك هو ( عدم الوضوح المعرفي ) وغياب المعلومة المكتملة ممايزيد من فرص القلق لدى هؤلاء الأشخاص وهنا يأتي سبب آخر وهو الشعور بالحاجة لإدراك الأشياء ومحاولة كشفها للإبتعاد عن التوتر والحيرة فأهمية الموضوع وغموضه تزيد من فرص إنتشاره منقوصا ومحرفا ، والرغبة بمعرفة المزيد عن كل مجهول لإشباع الرغبات هي أيضا من ضمن هذه الأسباب .
في الحقيقة أننا عندما نهتم بالتركيبة النفسية لشخصية الفرد ونسعى للإهتمام بتعليم وتثقيف النشء وتربيتهم على التفكير النقدي العقلاني الذي يمحص الأمور قبل قبولها وتصديقها أو رفضها ، وعندما نشيع فضيلة الصدق في مجتمعاتنا فإننا سنقطع شوطا كبيرا وسنسيطر ونقضي على كل مايخل بالأمن ويؤدي للفوضى وعدم الإستقرار ، ولذلك ولصحتك النفسية والعقلية أمسك عليك عقلك وكن إيجابيا متفائلا وباعثا للبهجة والسرور لكل من حولك ، وتذكر مانقلته وسائل الإعلام عن إحتفال سيدة إيطالية معمرة بعيد ميلادها 102 سنة وبمناسبة شفائها من ( فايروس كورونا - كوفيد 19 ) وخروجها من المستشفى وهي ممن عاصروا وباء الإنفلونزا الأسبانية عام 1918  حيث أصيبت به وهي صغيرة ونجت منه .




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تأجيل الدراسة أو التعليم عن بعد ( جريدة الرياض )

قصة بر " هند " بوالدتها واقعية ومعبرة ( صحيفة الشرق السعودية )

غسيل أفكار ( جريدة الرياض )