الحقيقة أم الإنتصار ( جريدة الوطن السعودية )

محمد العتيبي - 15/7/2020

يقول الفيلسوف الألماني شوبنهاور : ‏« إن إرادة الحياة هي الغرض الأول في سلوك الإنسان ، وماطلب الحقيقة في الغالب إلا عرض ثانوي قد يتلبس بالخداع أحيانا » وهو هنا يقصد أن الفرد يميل للجدل ليفرض قناعاته ومايراه أنه حقيقة مطلقة ليتغلب على محاوره أو خصمه وهذا بلاشك يجعله معرضا للعداوات والخصومات ، والعاقل في ميدان الحوار لايهمه الإنتصار لرأيه بقدر مايهمه أن يصل للحقيقة وهذه الثقافة - ثقافة غلبة الرأي - هي من عيوب المنطق القديم منذ العهد الإغريقي والتي تقتضي بأن الحقيقة مطلقة وليست نسبية .
البعض عندما يدلي برأيه في موضوع ما فإنه يقطع به جازما ولايبدي حوله الشكوك بأن يكون خاطئا بل ويرفض ذلك ، وحتى عند المفاضلة والمقارنة بين أمرين أو شيئين تجده يثني ثناء كثيرا على أحدهما وربما طرح الأدلة والقرائن والبراهين التي تدعم مايقول وكأنه الأفضل على الإطلاق وكذلك عند المفاضلة في الجودة أو القيم والأخلاق أو أي شيء كان ، ونسي بأن التناقض أصيل في طبيعة الكون كما يقول ( هيجل ) ، وهذه حقيقة فكل إنسان في مراحل حياته يمر بتحولات فكرية نفسية تجعله لايستقر على حال ورأي تجعله يغير معتقده ومنطقه المطلق إلى نسبي ، وهذا مايفسر لنا أيضا تعثر البعض وفشلهم ربما في قرارات مصيرية تمس حياتهم الخاصة بشكل مباشر ، ومثل هذه العقد الثقافية والتصورات الفلسفية القديمة لاتراعي التغير الإجتماعي النفسي المستمر بتفاصيله وبذلك ينتج عنها جمود الفكر والتعصب للآراء والتمسك بها والتي تباعد بين القلوب وتضعف إرادة المجتمعات وتقدمها .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تأجيل الدراسة أو التعليم عن بعد ( جريدة الرياض )

قصة بر " هند " بوالدتها واقعية ومعبرة ( صحيفة الشرق السعودية )

غسيل أفكار ( جريدة الرياض )