هذا كبرك وتتمرجح شكلك انهبلت ( صحيفة الوطن السعودية )

محمد العتيبي - صحيفة الوطن السعودية 14 فبراير 2019


قبل أشهر، كنت أتمرجح مع ابني الصغير ذي السنوات الـ4، في إحدى الحدائق العامة، ووثّقت تلك اللحظات الجميلة بمقطع فيديو قصير، وأنا أمازحه وأشاركه الضحك، وأرسلته مباشرة إلى أحد الأصدقاء الذي يشاكسني باستمرار، فرد علي ضاحكا «هذا كبرك وتتمرجح شكلك انهبلت؟!». 
وقبل أكثر من أسبوع، كان هناك لقاء سريع لإحدى القنوات التلفزيونية مع الدكتور أحمد العرفج، في أحد البرامج. وكعادته بمفاجآته الجميلة وخروجه عن المألوف، تم الحوار خلال تمرجحه هو والمذيعة في إحدى الحدائق العامة، وكان نقاشهما حول أهمية المشي وممارسة الرياضة، وكذلك التمرجح لتغيير المزاج والحالة النفسية إلى الأفضل، ولحل المشكلات خصوصا بين الأزواج. وكالعادة -بين مؤيد ومعارض- فقد واجه كَمّا عجيبا من التعليقات السلبية، وبعضا من الشتم والتشكيك في شخصه، وفكره وتوجهاته. وحتى المذيعة لم تسلم من الأذى. نتفق مع العرفج في كثير من الأحيان، ونختلف معه أحيانا، وهذا أمر صحي وطبيعي، لأن الاختلاف بين الناس سُنّة كونية، تستثير العقول لتتولد الأفكار وتتلاقح، فنحصل على التغيير الإيجابي لمن أراد التغيير. 
ومِن تفهُّم ثقافة الاختلاف في الرأي والاهتمامات وفي طريقة التفكير، سيتحرر تلقائيا من قيد الخلاف، وسيتجرد من حظوظ النفس، ويلتزم الأدب واحترام الآخرين، وسيطمئن أكثر، وسيكون قلبه أكثر نقاء وتقبلا، وسيتسع صدره للجميع. 
حديثي هنا ليس عن الدكتور -المعروف عنه الإيجابية وحب الخير والتسامح ونشر البهجة والابتسامة، وكذلك حثه الدائم على القراءة وممارسة رياضة المشي- بل عما يُستفاد من لقائه ومن موقف صديقي معي، إذ يتركز الحديث حول مفهوم النقد وثقافة العيب، والتوجس من نشر السعادة والفرح، والخوف الدائم من «وش يقولون الناس» عند مخالفة كل ما هو سائد، عندما نمارس حياتنا بفطرية، ونتصرف بعفويتنا في كل مكان، وبما أن الفرد لم يرتكب ما يخالف الدين ويخرق المروءة، فالحياة جميلة، وديننا دين يسر وتسامح وتعايش، ويدعو إلى البهجة والفرح، وقبل ذلك هو دين الأخلاق الحميدة التي من أهمها حُسْن الظن بالآخرين. بعضنا يفتقد البساطة والعفوية وحسن النية في السلوك والتعامل عند اختلاطه بالآخرين، سواء في واقعه أو حتى في مواقع وبرامج التواصل، بل جُلّ همه التفتيش عن زلات الآخرين، وممارسة النقد السلبي بشكل مستمر، وتصيد ما يصدر منهم وتحويره لمصلحته، أو ضد الشخص الموجّه إليه النقد. فتجده يعيش في دوامة من الشقاء والبؤس، بدلا من إسعاد نفسه ومن حوله، ولو بالتمرجح. 
ولو تتبعت مثل هؤلاء على أرض الواقع، فغالبا تجدهم لا يثقون في أنفسهم كثيرا، ولا يوجد لديهم أي إنجاز يذكر، أو أي بصمة ومبادرة إيجابية على المستوى الفردي، فضلا عن المستوى الاجتماعي. 
فالسلبية ديدنهم، ومن لم يتطلع لمعالي الأمور والمبادئ العظمى، فحتما سيكون شغله الشاغل مهاجمة الآخرين وتتبع ما يقولون.
أسئلة كثيرة تخالجني وتتردد داخلي، وتشغل كل عاقل وصاحب مبدأ: لماذا بعضنا يكره الفرح ومظاهره؟ ولماذا التكلف في كثير من شؤوننا؟ لماذا لا نستطيع إظهار مشاعرنا الحقيقية الفطرية لكل من حولنا من البشر؟ لماذا لا نشاركهم الابتسامة ولحظاتهم السعيدة؟ 
هل السبب، خلل تربوي لدى بعضنا منذ الصغر بإمكاننا القضاء عليه؟ هل ضعف استشعار المسؤولية هو السبب؟ هل هناك أسباب أخرى غير ظاهرة بحاجة إلى مزيد من البحث وتسليط الضوء عليها؟.
أترك الإجابة لي ولكم، وعلى دروب السعادة 


http://www.alwatan.com.sa/Discussion/News_Detail.aspx?ArticleID=360802&CategoryID=8

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تأجيل الدراسة أو التعليم عن بعد ( جريدة الرياض )

قصة بر " هند " بوالدتها واقعية ومعبرة ( صحيفة الشرق السعودية )

غسيل أفكار ( جريدة الرياض )