العظماء لايعيشون لأنفسهم ( جريدة الرياض )

محمد العتيبي - جريدة الرياض 1 مارس 2020

في إحدى القرى النائية في الهند أصيبت زوجة شخص يدعى (ديشراث منجهي) إصابة خطيرة وبسبب بعد المستشفى عن القرية وصعوبة الطريق لم تصل سيارة الإسعاف في الوقت المناسب فماتت زوجته ثم طلب من السلطات اختصار الطريق وذلك بشق نفق في الجبل لكي لا تتكرر الحادثة ولكن للأسف لم يستجيبوا له فقرر هذا الفلاح أن يحل المشكلة بنفسه وبدأ يحفر بيديه بفأسه وأدواته البسيطة مقاوما سخرية أهل قريته به واتهامهم له بالجنون ولكنها الإرادة القوية، واستمر على ذلك 22 عاما (1960 إلى 1982) حتى شق طريقا في الجبل بطول 110 أمتار واختصر المسافة من 70 كيلومترا إلى 7 كيلومترات وقلص وقت وصول سيارات الإسعاف وسهل للأطفال الوصول لمدارسهم حتى سمي برجل الجبل وتم إنتاج فيلم سينمائي يتحدث عن قصته.
هذه القصة ومثيلاتها تؤكد لنا بأن العظماء لا يعيشون لأنفسهم فنفعهم متعدٍ لغيرهم، وتحكمهم المبادئ والقيم العليا وأن الإنجازات والنجاحات لا تتحول إلى مبادرات وسلوك فعلي على أرض الواقع إلا عندما يؤمن الإنسان بقدراته ويثق بأن مايريده ويحاول الوصول إليه قادر على تحقيقه، وسيتغلب على كل التحديات والمعوقات التي ستواجهه، وهنا يأتي دور وظيفة مايسمى بـ(العقل الواعي) المدرك لما حوله في تحقيق مايريد وما يحب من خلال الحواس الخمس والتي تؤثر في كوامن النفس ورغباتها وانفعالاتها من خلال العقل الباطن (اللاشعور) المسؤول عن السلوكيات والتصرفات والتحكم في طاقة الإنسان النفسية والجسدية، فالإرادة والعزيمة القوية تتطلب إشغال العقل الواعي بشكل دائم بالتفاؤل وتوقع الأفضل ومراقبة الأفكار وإدراكها وتكرار الرسائل الإيجابية وتخيل النتائج والأهداف التي نريدها لتنطبع في العقل الباطن وتحقق أفضل النتائج، والأفكار الراسخة بلا فعل وتطبيق مضيعة للوقت والمحاولات المتكررة تعطي أملا وحافزا للاستمرار عند السقوط ولنتذكر بأن ليس هناك مايسمى بـ(الفشل) ولكن هناك (تعثر) لأن الفشل نهاية والتعثر يمنحنا فرصة أخرى للنهوض مجددا، وليس كل سقوط نهاية فبعض العثرات هي انطلاقة حقيقية وقوية لتحقيق مانتمناه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تأجيل الدراسة أو التعليم عن بعد ( جريدة الرياض )

قصة بر " هند " بوالدتها واقعية ومعبرة ( صحيفة الشرق السعودية )

غسيل أفكار ( جريدة الرياض )